بريطانيا تُجدد تثمينها لجهود المغرب "الجادة" لتسوية نزاع الصحراء.. وكذا في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف
يبدو أن اللقاء الذي جمع وزير الشؤون الخارجية الجزائري أحمد عطاف، بوزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، اللورد طارق أحمد ويمبلدون، والذي تناول التطورات المسجلة على مستوى ملف الصحراء المغربية، وفق ما روّج له قصر المرادية في الأيام القليلة الماضية، لم يكن عند حُسن تطلّعاتهم أو يثمر مواقف جديدة تتنافى ومصالح المملكة المغربية أو سيادتها على أراضيها، بحيث جدّدت المملكة المتحدة، تقديرها للجهود الجادة التي يبذلها المغرب للدفع بالمسلسل المفضي إلى تسوية النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية.
وقد تم التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي صدر عقب اختتام الدورة الرابعة للحوار الاستراتيجي بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة المنعقدة بالرباط، التي ترأسها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الدولة للشرق الأوسط، وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، والأمم المتحدة، والمملكة المتحدة، وبريطانيا العظمى، وإيرلندا الشمالية، اللورد طارق أحمد لويمبلدون.
وفي هذا الصدد، جددت المملكة المتحدة التأكيد على إرادتها لمساعدة الأطراف من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول لدى الأطراف لقضية الصحراء قائم على أساس التوافق.
وفي هذا الإعلان المشترك، أكد الوزيران، مجددا، الدعم الكامل للمملكة المتحدة والمغرب لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، ستافان دي ميستورا، لإيجاد حل لهذا النزاع، كما أشادت المملكة المتحدة بالدور البناء الذي يضطلع به المغرب في المنطقة، بما في ذلك تعزيز الاستقرار والأمن والتنمية الاقتصادية، وكذلك في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
وشددت على التمسك بالدور الحصري للأمم المتحدة في تسهيل العملية السياسية لحل هذا النزاع، مجددة التأكيد على دعمها لقرار مجلس الأمن الأممي رقم 2654.
وينوه قرار مجلس الأمن رقم 2654، على غرار باقي قراراته المتتالية الصادرة بهذا الشأن منذ عام 2007، بالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب، مكرسة تفوق مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب.
وأبرز الإعلان المشترك أن هذه الدورة مكنت من تسجيل ارتياح البلدين للتقدم المحرز في مختلف دعامات الحوار الاستراتيجي، واتفقا على خرائط طريق بخصوص هذه الدعامات.
وعلى المستوى السياسي والديبلوماسي، أجرى الوزيران محادثات بناءة ومثمرة تعكس المرحلة الجديدة والآفاق المستقبلية في العلاقات بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة، القائمة على أساس الاحترام والثقة المتبادلين.
كما أكد الوزيران على عزمهما تعميق الحوار والتعاون بينهما في القضايا الثنائية، والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وكذا في ما يتعلق بالتحديات الاستراتيجية الرئيسية.
وتعتبر المملكة المتحدة المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، شريكا إقليميا ودوليا ذا مصداقية وصوتا مسموعا، يضطلع بدور رئيسي، ويشكل فاعلا أساسيا للاستقرار والسلام والتنمية الإقليمية، لا سيما في منطقة البحر الأبيض المتوسط والساحل والصحراء وغرب إفريقيا.
وبخصوص ليبيا، جدد المغرب والمملكة المتحدة التأكيد على إرادتهما للعمل معا من أجل حل سياسي شامل ومستدام، على أساس الاتفاق السياسي الليبي لسنة 2015 بالصخيرات، وتحت رعاية الأمم المتحدةKكما جدد البلدان التزامهما القوي بسيادة ليبيا واستقلالها، وكذا بالوحدة الترابية والوطنية الليبية.
وفي ما يتعلق بمنطقة الساحل، أعرب المغرب والمملكة المتحدة عن قلقهما إزاء التهديدات الأمنية بالمنطقة، حيث اعتبرا أن مكافحة التطرف العنيف والراديكالية بمنطقة الساحل، تتطلب إلى جانب البعد الأمني، تعزيز الإجراءات الملموسة للتنمية الاقتصادية والبشرية والثقافية والمؤسساتية.
وعلى الصعيد الأمني، نوه الوزيران بالإرادة والالتزام المشتركين لتعميق التعاون في المجال الأمني، وذلك للتعامل مع التهديدات الأمنية العالمية، ولا سيما في مجال مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، والطيران، وأمن البحار والحدود، وكذا الأمن السيبراني، فضلا عن مجال عودة وإعادة تأهيل المقاتلين الإرهابيين الأجانب.
كما أشادت المملكة المتحدة بريادة المملكة المغربية والتزامها في مجال السلام والأمن الإقليميين، ولا سيما من خلال مشاركتها في رئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وكذا "مجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا" التابعة للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش".
وقد تم إدراج مسألة "الأمن السيبراني" في جدول أعمال مجموعة العمل حول الأمن كأولوية، وهو ما يعكس التعاون التقني المتميز.
وكان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، قد اجتمع مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، اللورد طارق أحمد من ويمبلدون، وذلك في إطار الزيارة الرسمية التي قام بها إلى لندن، ممثلا لرئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون، في مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، حسب ما أفاد به بيان للوزارة.
ووفق البيان ذاته، استعرض الطرفان "العلاقات الثنائية وآفاق تعزيزها في مجالات الطاقة والتجارة والأمن والثقافة"، وتحسبا لانعقاد الدورة المقبلة للحوار الاستراتيجي الجزائري-البريطاني، تبادل الوزيران وجهات النظر حول "العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الأوضاع في مالي وليبيا ومنطقة الساحل والصحراء وكذا التطورات المسجلة في قضية الصحراء المغربية".
وكان قصر المرادية، قد روّج لهذه الزيارة باعتبارها انتصار دبلوماسي يتنافى ومصالح المملكة المغربية، في وقت التزمت المملكة البريطانية الصمت مكتفية ببيان مقتضب لم تُثر في مضامينه موضوع الصحراء المغربية.